الخميس، 15 ديسمبر 2011

حقيقة الهروب : بن علي خطط لهروبه يوم 13 جانفي 2011 وحكاية المـؤامــــرة مــفتعــلــة



تضمنت بعض الوثائق السرية الاشارة الى قدوم محمد الغرياني الى دار السلام مقر اقامة محمد صخر الماطري وزوجته نسرين بن علي في قصر قرطاج في حدود الثامنة وعشرين دقيقة يوم 13 جانفي واستمرت المقابلة الى حدود الواحدة صباحا في اليوم الموالي.

بهذه المقابلة بدأ يوم 14 جانفي الذي ظلت بعض أسراره طي الكتمان، ويبدو أن لهذه المقابلة علاقة مبهمة مع الارسالية التي وجهها الأمين العام السابق لحزب التجمع المنحل في حدود الساعة السابعة و42 دقيقة من هاتفه الشخصي الى الهاتف الجوال للجنرال علي السرياطي يعلمه فيها حرفيا «ضرورة الحذر لأن راشد الغنوشي أعطى الاذن الى الاسلاميين عبر شبكة الفايسبوك والارساليات الهاتفية للتوجه الى قصر قرطاج في حدود الحادية عشر صباحا ويتوقع حصول مواجهات دامية بينهم وبين التجمعيين.
شكوك
تلك كانت بداية مسلسل الأحداث يوم 14 جانفي بعد ان بلغت البلاد وضعا متأزما وحالة انفلات أمنى لم تشهد لها مثيلا من قبل، ورغم التحقيقات المتواصلة وما تم تسريبه من محاضر الاستنطاق الا أنه لم يتم الكشف عن حقيقة الارسالية الهاتفية التي تلقاها علي السرياطي من محمد الغرياني ويظل باب التأويلات مفتوحا دون دليل حول ما اذا كانت لصخر الماطري علاقة بهذه الارسالية.
وتتالت الساعات سريعة في قصر قرطاج ليجري رضا قريرة وزير الدفاع السابق مكالمة هاتفية في حدود الساعة الحادية عشر و45 دقيقة مع رئيس أركان جيش الطيران يعلمه فيها بتنفيذ تعليماته القاضية بتعيين ضابط سام مسلح من الادارة العامة للأمن العسكري لمرافقة الضابط التابع للحرس الوطني في مهمة استطلاع جوية.
حكاية المروحية العسكرية
وتشير بعض التسريبات الى أن رضا قريرة أبدى تخوفه من أن يقع تكليف الضابط المرافق من طرف علي السرياطي للتحليق فوق القصر الرئاسي وضرب الرئيس السابق في القصر وهو ما استغربه رئيس أركان جيش الطيران نظرا لخطورته في الأثناء اتصل علي السرياطي هاتفيا بالفريق أول رشيد عمار ليعلمه أنه تلقى ارسالية هاتفية تفيد ان «زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي سيدخل البلاد للتوجه رفقة عدد من الاسلاميين الى قصر قرطاج» وطلب السرياطي من الفريق أول وحدات تعزيز أمام ممرات سكن أفراد عائلة الطرابلسي على اثر حرق منزل عادل الطرابلسي لكن رشيد عمار رفض طلبه لأسباب لم يكشف عنها بعد.
وقد رجحت بعض المصادر ان يكون علي السرياطي في مكتب الرئيس المخلوع ساعة اجراء المكالمة الهاتفية مع الفريق أول رشيد عمار استنادا الى ما أكده الحاجب المكلف بالوقوف على باب مكتب الرئيس وهو ما يعني ان الرئيس المخلوع كان على علم بمضمون الارسالية التي تلقاها السرياطي من الغرياني.
التحضير للمغادرة
في حدود منتصف النهار أسدى الرئيس السابق تعليماته الى محسن رحيم مدير عام التشريفات الرئاسية باعداد الطائرة الرئاسية لنقل أفراد عائلته المتركبة من زوجته ليلى الطرابلسي وابنه محمد زين العابدين وابنته حليمة الى السعودية دون ان يوضح له ما اذا كان سيرافق عائلته أم لا، لكن بعض المؤشرات كانت تؤكد أن بن علي خطط مسبقا لترحيل أفراد عائلته الى المملكة العربية السعودية خلافا لما أورده في نص التوضيح الى الصحيفة الالكترونية الفرنسية من أنه كان مدفوعا الى ترحيل عائلته على متن الطائرة الرئاسية.
وقد أكدت بعض المعطيات التي ثبتت صحتها أن علي السرياطي طلب من ضابط شرطة أول يعمل في الكتابة المركزية للأمن الرئاسي تمكينه من جواز سفره وجواز سفر محسن رحيم مدير عام التشريفات، وذلك في حدود الثالثة بعد الظهر.
كما طلب السرياطي الضابط تمكينه من جوازات سفر حاجب الرئيس السابق والمربيتين من أصل فيليبني كانتا تعملان في الجناح المخصص للعائلة الرئاسية بقصر قرطاج.
وتؤكد هذه المعطيات ان التخطيط للرحلة على متن الطائرة الرئاسية لم يكن مفاجئا كما قال بن علي ـ ولا تحت الضغط الذي مارسه علي السرياطي وقد يسمح التأويل والاستنتاج بأن الأوضاع التي شهدتها البلاد وخروج أعداد غفيرة من التونسيين لاسقاط النظام والمطالبة برحيل رأس هذا النظام كانت وراء قرار بن علي الفرار الى بلد آخر.
معلومات مريبة
وفي تلك الأثناء تلاحقت بعض الأحداث المفاجئة لتزيد الأوضاع تأزما وتعقيدا فقد أقلعت المروحية العسكرية التي أذن بها وزير الدفاع السابق رضا قريرة من مطار العوينة العسكري في حدود منتصف النهار وربع على متنها عقيد من الادارة العامة للأمن العسكري حاملا لسلاح فردي رفقة ضابط من الحرس الوطني وأجرت الدورية الجوية المبرمجة في محيط القصر الرئاسي وحطت في حدود الساعة الثانية ظهرا بالقاعدة العسكرية بالعوينة في انتظار انطلاق دورية جوية ثانية في وقت لاحق.
وفي حدود الواحدة ظهرا ورد من قاعة العمليات المركزية اعلام يشير الى اعتزام حشود من المتظاهرين التوجه من تونس العاصمة باتجاه القصر الرئاسي بقرطاج دون التأكد من صحة هذا الاعلام.
وتحسبا لوقوع هذا الحدث حلت فرقة مختصة تابعة للحرس الوطني في حدود الواحدة ظهرا و18 دقيقة للمرابطة في مختلف الجهات المحيطة بالقصر الرئاسي وتلقى أعوان هذه الفرقة تعليمات لا يعرف مصدرها بعدم استعمال السلاح تجاه المتظاهرين.
وصدرت في الأثناء تعليمات عبر الهاتف من أحد كبار مسؤولي وزارة الداخلية الى أحد الضباط السامين بتأمين الأسلحة والذخيرة التي يحملها أعوان شرطة الحدود بموانئ تونس وحلق الوادي ووضعها على متن سيارة ادارية وجلبها الى مقر وزارة الداخلية.
قدوم العائلة
وشهدت بوابة القصر الرئاسي بقرطاج وكذلك القصر الرئاسي بسيدي الظريف قدوم أغلب أفراد عائلة الطرابلسي وأبنائهم وأصهارهم وشرعت المصالح الأمنية بالقصر في اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لسفر هؤلاء الى وجهات مختلفة بعد الهجوم على منازل وشقق بعضهم وحرقها وهو ما يعني أن تنسيقا جماعيا أجري بين أفراد هذه العائلة والرئيس المخلوع وزوجته منذ الصباح الباكر لفرارهم من البلاد.
وفي حدود الثانية والنصف ظهرا تزامن قدوم سيرين بن علي ابنة الرئيس المخلوع ومرافقيها إلى الجناح التابع لشركة الخدمات الجوية التونسية Tunisavia مع إقدام المقدم سمير الطرهوني آمر فوج فرقة مجابهة الإرهاب على إسداء تعليمات للأعوان بالاستعداد للخروج في مهمة أمنية دون تقديم أي إيضاحات على نوع هذه المهمة.
وفي ذات التوقيت غادرت مجموعة من أفراد عائلة الطرابلسي القصر الرئاسي بسيدي الظريف صحبة أحد الضباط السامين التابعين للأمن الرئاسي في اتجاه مطار تونس قرطاج بنية مغادرة البلاد بعد تنسيق ومشاورات مع العائلة الرئاسية.
حجز العائلة
بعد دقيقتين تلقى قائد الطائرة التابعة للخطوط التونسية التي كان يفترض أن تقلع باتجاه مدينة ليون الفرنسية إعلاما باعتزام خمسة من أفراد عائلة الطرابلسي بينهم بلحسن الطرابلسي التحول إلى فرنسا على متن نفس الطائرة بعد تنسيق مسبق بين علي السرياطي وبعض الأطراف في المطار حسب تسجيلات صوتية.
كما تم استخدام السيارات الرئاسية لنقل أفراد عائلة الطرابلسي إلى القاعة الشرفية بالمطار للمغادرة خارج البلاد.
لكن الرحلة الجوية تعطلت بسبب عدم الترخيص لها بالإقلاع من طرف مصالح الشرطة ورفض قائد الطائرة تأمين هذه الرحلة.
في تلك الأثناء تلقى المقدم سمير الطرهوني مكالمة هاتفية من أحد أعوان الحرس الوطني العاملين بمطار تونس قرطاج ضمن فرقة حماية الطائرات يعلمه فيها بتواجد مجموعة من أفراد عائلة الطرابلسي في القاعة الشرفية بالمطار تتأهب للمغادرة فطلب الطرهوني ضبطهم وحجزهم إلى حين قدومه رفقة أعوان فرقته.
في حدود الساعة الثالثة ظهرا كان بن علي قد اتخذ قراره النهائي بترحيل عائلته إلى مدينة جدة السعودية دون ظهور مؤشرات واضحة على أنه هو من سيرافق عائلته لكن بعض المعطيات المؤكدة أوضحت بما لا يدع مجالا للشك بأن بن علي كان ينوي فعلا مغادرة البلاد فقد أعلم نادله الخاص بالتهيّؤ للسفر إلى السعودية وإعداد جواز سفره.
وأسدى بن علي تعليمات إلى مدير عام التشريفات بالاستعداد للسفر على متن الطائرة الرئاسية وأعلمه أن الإقلاع سيكون في حدود الساعة السادسة مساء.
أكاذيب بن علي
كانت المروحية العسكرية قد أقلعت في تمام الساعة الثالثة ودقيقتين ظهرا من مطار العوينة العسكري للقيام بالدورية الجوية الثانية بناء على تعليمات وزير الدفاع السابق وعن طريق رئيس أركان جيش الطيران فكانت جولتها الجوية في محيط القصر الرئاسي عادية لتأمين السلامة الأمنية للقصرورصد أي تحركات مشبوهة خلافا لما قيل أنها كانت مخصصة لاغتيال بن علي.
وسط زخم تلك الأحداث المتسارعة بنسق غير مألوف، تلقى رئيس قاعة برج المراقبة تعليمات من مصدر أمني بوزارة الداخلية لم يتم الكشف عنه وأخرى من مكتب المراقبة المحلية تفيد بضرورة منع ثلاث طائرات من الإقلاع من مطار تونس قرطاج وقد نقل رئيس القاعة هذه التعليمات إلى المدير العام السابق لديوان الطيران المدني والمطارات آنذاك.
في تلك اللحظات تلقى قائد الطائرة الرئاسية محمود شيخ روحه مكالمة هاتفية من الرئيس المدير العام السابق لشركة الخطوط التونسية يعلمه فيها بالتهيؤ للسفر في حدود الساعة السادسة مساء باتجاه مدينة جدة السعودية وطلب منه الاكتفاء بالعدد الأدنى من أفراد طاقم الطائرة.
توتر
كان الاستعداد للسفر على قدم وساق في قصر قرطاج وكان واضحا أن عائلة الرئيس المخلوع تعد الساعات للمغادرة فاستمع العاملون في القصر لصراخ ليلى بن علي «فيسع…فيسع إيجاو هبطولي الفاليجات» وبدأ عليها التشنج والتوتر بعد علمها بخبر تعطيل رحلات الطائرات التي كانت ستقل على متنها أفراد عائلتها والقبض عليهم من قبل أعوان فرقة مكافحة الارهاب في مطار قرطاج الدولي الذي عمّته الفوضى.
ومع حلول الساعة الرابعة ظهرا كانت التعليمات قد صدرت عن المدير العام السابق للأمن الرئاسي علي السرياطي لاقلاع المروحيات العسكرية الموضوعة على ذمّة الادارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية استعدادا لمرافقة الركب الرئاسي من قصر قرطاج الى مطار العوينة العسكري.
وبحثا عن حقيقة ما أورده بن علي في توضيحه الى الجريدة الالكترونية الفرنسية حول المروحية العسكرية والمخاوف مما أسماه تهديدا باغتياله. فقد أكدت بعض المعطيات الرسمية من خلال التسجيلات الهاتفية أن احد الضباط السامين في الأمن الرئاسي بلغه خبر تحليق مروحية عسكرية في أجواء القصر الرئاسي فنقل هذا الخبر الى علي السرياطي الذي أسدى تعليماته باطلاق النار عليها ليتراجع بعد لحظات عن هذا الأمر ويطلب عدم اطلاق النار بعد ان تبيّن لضباط الأمن الرئاسي أن المروحية لم تكن غير الهيليكوبتر التي أقلعت من القاعدة الجوية العسكرية بالعوينة لاجراء دوريتها الجوية الثانية في محيط القصر وفوق جهة حلق الوادي وعلى متنها ضابطين ساميين من جيش الطيران والحرس الوطني.
لحظات المغادرة
غادر الموكب الرئاسي قصر قرطاج حيث كانت سيارات تقلّ بن علي وزوجته وأبناؤه وعلي السرياطي مصحوبا بمدير عام التشريفات الرئاسية.
في الاثناء تلقى الجنرال رشيد عمار رئيس أركان جيش البرّ مكالمة هاتفية من وزير الدفاع السابق رضا قريرة يعلمه قائلا «قال لي رئيس الدولة فمّا مندسّين من الخوانجية يخدموا في الارهاب… شدّوا عائلتو في المطار وما خلاوهمشي يخرجوا والرئيس يطلب القضاء عليهم وضربهم بالرصاص إن اقتضى الأمر».
وقد استمع الى تلك المكالمة وزير الداخلية الأسبق أحمد فريعة في مكتبه بالوزارة.
كان الموكب الرئاسي قد دخل الى مطار العوينة العسكري قبل الموعد المحدد للرحلة، ومع حلول الساعة الخامسة بعد الظهر كان مخطط الطيران باتجاه مدينة جدّة السعودية جاهزا للاقلاع في تمام الساعة الخامسة والنصف.
لم يدم الحوار بين بن علي وعلي السرياطي طويلا على مدرج الطائرة الرئاسية التي كانت تتأهّب للاقلاع، ويبدو أن الرئيس السابق أذن لعلي السرياطي بالعدول عن مرافقة عائلته الى السعودية وأنه هو من سيرافقهم على أن يعود في الغد الى البلاد.
بعد حوالي نصف ساعة أسدى وزير الدفاع السابق رضا قريرة تعليماته الى رئيس أركان جيش الطيران لايقاف علي السرياطي وسحب سلاحه الفردي وهاتفه الجوّال واقتياده الى مركز ايقاف عسكري لا يعرف مكانه تحديدا.
وقد تم الاستماع الى بعض التسجيلات الصوتية الهاتفية الصادرة من قصر قرطاج حيث كان أحد المجهولين يبلغ الرئيس المخلوع الذي اخترقت طائرته الاجواء الليبية بكل ما يجدّ في القصر من أحداث، وانطلاقا من هذه الاخبار، أجرى الرئيس الهارب مكالمة هاتفية للوزير الاول الاسبق محمد الغنوشي يستفسره عن أسباب إلقاء خطابه الى الشعب التونسي الذي



أعلن فيه توليه رئاسة الجمهورية استنادا الى الفصل 57 من الدستور القديم

Source : SHOUROUK

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صفحتنا على الفايسبوك